افراسيانت - تتكشف يوما بعد يوم المعاناة التي اصابت المهاجرين على الحدود البولندية.
الشهادات التي وثقها متابعون لما سمي بازمة المهاجرين كانت شهادات صاعقة كشفت وحشية واجرام السلطات البولندية .
جندي بولندي يعترف بإعدام مئات المهاجرين
يعترف جندي بولندي فر إلى بيلاروسيا يدعى إميل شيشكو، أنه أعدم مجموعات من المهاجرين على الحدود البولندية البيلاروسية، يبلغ عدد كل واحدة منها حوالي 20 شخصًا خلال الفترة من 9 يونيو إلى 18 يونيو 2021، بناءً على أوامر من حرس الحدود البولندي، ويقول “شيشكو” بأنه “في غضون 10 أيام أثناء مشاركته في عمليات الإعدام، قتل ما بين 200 و700 شخص. يضيف : أن أول عملية إعدام شارك فيها نُفّذت في 9 يونيو العام الماضي. مبينا “شيشكو” أن الجثث ألقيت في حفر معدة خصيصاً للدفن الجماعي.كما يشير الجندي البولندي إلى أنه تقدم بطلب إلى محكمة لاهاي بعد الأحداث على الحدود البيلاروسية البولندية المتعلقة بأزمة الهجرة.
لقد اعادت هذه المعاناة والظروف القاسية الذكريات المؤلمة للعديد من اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا قبل عدة سنوات، وكانوا قد اتخذوا طرقاً محفوفة بالمخاطر سواء كانت عن طريق البحر أو البر. وقالت سعاد، (اسم مستعار) لـ "مهاجر نيوز"، إن الصور ومقاطع الفيديو التي تصلها من الحدود البولنديةتعيد إليها مواقف مريرة قد واجهتها خلال "رحلة الموت" كما تسميها عند قدومه إلى أوروبا في عام 2016، وخصوصاً أنها قد وصلت في برد الشتاء القارس. وقالت "أشعر بالأسى عليهم، وأرغب بشدة بالمساعدة ولكنني لا أعلم إلى أين يجب أن أتوجه، أو كيف يمكنني أن أساعد".
وبحسب الصحفي رشدي شياحي، هناك منظمات بولندية تقدم المساعدات للاجئين ولكنها تتجنب التصريح بأسمائها خوفاً من تقييد النشاط بتهمة "الإتجار بالبشر" وغيرها من التهم. وهذا السبب أيضاً الذي قد يقف أمام اندفاع كثير من اللاجئين في ألمانيا على سبيل المثال من محاولة المساعدة المباشرة خوفاً من المشاكل القانونية التي قد تخلفها "حسن النية".
وتعليقاً على هذه النقطة خصوصاً يقول ثائر، لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا عام 2018، لـ "مهاجر نيوز"، إن الأمر أكثر تعقيداً مما يبدو، وعبر عن قلقه من أن تتسبب "محاولة المساعدة" بمشاكل قانونية أو حتى "سحب الإقامة" بحسب تعبيره.
وانسحب التخوف وغياب التضامن على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ لم نرصد حملات أو منشورات من المهاجرين الذين وصلوا قبل سنوات لدعم المهاجرين العالقين على الحدود البولندية.
إنه ليس مخيماً مغلقا، إنه سجن"
يقول أحمد لقناة "فرانس أنفو"، وهو مهاجر يمني وصل إلى بولندا في شهر تشرين الأول/أكتوبر ، "ليس لدينا ما نفعله في هذا المركز، لا أنشطة ترفيهية ولا تعليمية، لقد طلبنا من الحراس عدة مرات إعطاءنا دروسا في اللغة البولندية لكنهم رفضوا تماما، وقالوا لنا: أنتم لستم بحاجة إلى تعلم اللغة البولندية لأنه في كل الأحوال، ستحاولون جميعا الذهاب إلى ألمانيا".
يتابع أحمد "يسمح لنا بالوصول إلى الإنترنت ساعة واحدة في الأسبوع، ويسمحون لنا فقط بالحصول على أجهزة هواتف نوكيا "غير ذكية" والتي يمكنها الاتصال أو إرسال رسالة نصية فقط". ويضيف الشاب قائلا "إنه ليس مخيماً مغلقاً، إنه سجن. نعامل كمجرمين وليس كلاجئين".
رذاذ الفلفل ومسدسات الصعق الكهربائي
أما ليث (24 عاما) وهو شاب عراقي من بغداد يقول في شهادته لمهاجر نيوز "المعاملة سيئة للغاية هنا، غالبا ما نتعرض للرش برذاذ الفلفل أو الصعق بالمسدسات الكهربائية إذا ما شعر الحراس أن هناك اعتراض من قبلنا. الإجراءات الأمنية مشددة للغاية، حتى أننا إذا أردنا التوجه للمطعم لنحصل على وجبة طعام، فهناك مجموعة من الحراس ترافقنا وتعود معنا. يحرص القيمون على هذا المركز على أن يظهروا لنا أن الهرب شبه مستحيل، وإن ضبط أحدنا وهو يحاول الهرب فسينال عقوبة مباشرة بالسجن لمدة سنة ونصف".
مراكز غير مناسبة للأطفال
بالرغم من الصدمات التي يعاني منها المهاجرون أحيانا، إلا أن الوصول إلى الأطباء والمعالجين النفسيين محدود للغاية.
حتى ان المفوض البولندي لحقوق الإنسان اعرب عن قلقه، إزاء العواقب المترتبة على الأطفال الذين يتم وضعهم مع أسرهم في هذه المراكز التي تفتقر إلى البنى التحتية المناسبة.
ووفقا لمارسين ويشيك، فإن "الرعاية الطبية والنفسية المقدمة في هذه المؤسسات ليست كافية على الإطلاق، ويمكن أن تدهور صحة المهاجرين الذين هم ضعفاء أصلا بسبب سوء المعاملة، لاسيما الأطفال، حيث أن الإقامة في هذه المراكز يمكن أن تؤثر سلبا على نموهم وتطورهم وأيضا حالتهم النفسية، بحسب رأي المفوض.
في شهر ديسمبر/كانون الأول 2021 زار النائب البولندي المعارض توماس أنيتشكو هذا المركز، وقال إن الزيارة كانت قاسية جداً له. والتقى خلالها "بالمهاجرين الجدد في بولندا، والذين وصلوا خلال الشهرين الماضيين. 600 شخص تعرضوا جميعا لصدمة ما، ويعاني عدد كبير منهم من أمراض تتطلب التدخل الطبي السريع".
وأوضح أنيتشكو أن عشرات الرجال أظهروا له إصاباتهم وندوبهم بعد تعرضهم لسرقة أعضاءهم، "حكوا لي قصص الكلى التي سرقت منهم في مكان ما. عيونهم وأسنانهم مصابة ويعانون من أمراض جلدية مختلفة". بالإضافة إلى المشاكل الصحية والجسدية، فإن عددا كبيرا من هؤلاء المهاجرين يعاني من أمراض نفسية، ولم يحصلوا على أي مساعدة تقريباً، وأضاف أنيتشكو إن الكثير منهم اشتكوا من تجارب مؤلمة ومن معاناتهم من الاكتئاب.
المهاجرون يوقعون على مستندات يجهلون مضمونها
نظريا، يجب ألا يمكث المهاجرون أكثر من ستة أشهر في هذه المراكز المغلقة، وهو الوقت المناسب للحصول على إجابة في إطار إجراءات طلب اللجوء، فإذا لم يتم اتخاذ قرار بشأن طلباتهم، يتم نقل المهاجرين إلى منشآت أخرى في جميع أنحاء بولندا. هناك لا يُطلب منهم سوى الحضور ليلاً، أي يتمتعون بحرية التجول خلال النهار. لكن في الواقع، قد تستغرق الاجراءات وقتا أطول حسب حالة كل مهاجر أو طالب لجوء، وقد تصل المدة أحيانا إلى عامين.
وفقا لأجنيسكا ماتيجزوك، المحامية في منظمة غير حكومية Stowarzyszenie Interwencji Prawnej (SIP) في تصريح "لفرانس أنفو"، هناك "مشكلة كبيرة في نقل المعلومات ضمن هذه المراكز، حيث يكون الوصول إلى المحامين محدودا للغاية.
تقول هذه المحامية "غالبا ما يجهل المهاجرون معلومات حول وضعهم، وأحيانا لا يعرفون ما إذا كان قد تم قبول طلب لجوئهم أم لا، أو لا يخبرهم أحد بأن طلبهم قد تم تسجيله، وغالبا ما يعتقدون أنهم قد تقدموا بطلب للحصول على الحماية الدولية ولكن هذا الأمر لم يحدث، لأن أحدا لم يسجل طلباتهم". وتتابع "في بعض الأحيان يتم إعطاؤهم مجموعة من المستندات للتوقيع عليها، ويوقعون دون أن يعرفوا أنهم بهذا التوقيع لا يستطيعون استئناف قرار طردهم".
وفقا للقانون البولندي، لا ينبغي السماح باحتجاز الأجانب في مراكز مغلقة، إلا إذا كان هناك خطر لهروب هؤلاء الأشخاص. وحجزهم محظور حكما إذا كانوا قد تعرضوا للعنف في الماضي. ولكن للأسف فإن هذا القانون لم يطبق.
توالت في حينها ردود الفعل الدولية بشأن الأزمة الإنسانية عند الحدود البولندية، حيث يوجد الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من دول الشرق الأوسط، ويعيشون في ظروف إنسانية وطبيعية صعبة، وفي ظل درجات حرارة متدنية.
روسيا: مستعدّون لتقديم المساعدة
ابرز هذه الردود جاءت من روسيل حيث أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثةً هاتفيةً بالرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، بحسب ما أفادت به الخدمة الصحافية للكرملين، وجاء في بيان الكرملين أنَّ "تبادُل الآراء بشأن أزمة الهجرة عند حدود بيلاروسيا مع دول الاتحاد الأوروبي مستمرٌّ، مع الأخذ في الاعتبار المحادثة الهاتفية السابقة التي أجراها ألكسندر لوكاشينكو بالمستشارة الألمانية بالنيابة أنجيلا ميركل".
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، إنَّ "روسيا تتخذ جميع الخطوات الممكنة من أجل حلّ أزمة الهجرة عند الحدود البيلاروسية البولندية، وهي مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة".
وأضاف لافروف "أننا نبذل قصارى جهدنا للمساعدة على حلّ هذه الأزمة"، وتابع "تَواصَل ممثلو عدد من دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، مع الرئيس بوتين. نحن مطالَبون بتقديم المساعدة، وعلى استعداد لتقديم هذه المساعدة".
صور مأساة اللاجئين العالقين على الحدود البولندية البيلاروسية أعادت للأذهان أزمة 2015، فهل لاقى هؤلاء التضامن اللازم من قبل المنظمات والمجتمعات الأوربية وحتى اللاجئين الذين سبقوهم
إلى أوروبا وألمانيا على وجه الخصوص؟
يُقر معظم ساسة أوروبا أن أزمة المهاجرين على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي لم تنته بعد، حيث يواصل المهاجرون واللاجئون دون كلل محاولة دخول التكتل عبر الحدود من بيلاروسيا إلى بولندا بالدرجة الأولى وإلى ليتوانيا بالدرجة الثانية.
أزمة أثارت العديد من ردود فعل السياسيين على الصعيد الأوربي، نظراً لتركيبتها المقعدة التي تتراوح بين ما هو سياسي وأمني واقتصادي. لكن هل لاقت تلك المأساة تضامناً من قبل المنظمات الإنسانية، والمجتمعات الأوربية، وحتى اللاجئين الذين دخلوا الأراضي الأوربية منذ سنوات؟
تراجع "ثقافة الترحيب" في ألمانيا؟
تقول آخر استطلاعات الرأي في ألمانيا إن الألمان منقسمون بشأن فكرة استقبال المهاجرين واللاجئين العالقين على الحدود البولندية البيلاروسية. ففي استطلاع أجراه معهد أبحاث الرأي YouGov، يؤيد 48 في المائة من الذين تم استجوابهم السماح للاجئين بدخول ألمانيا من أجل التحقق مما إذا كانوا مؤهلين للحصول على الحماية في هذا البلد. فيما يؤيد 9 بالمائة فقط قبولاً غير مشروط لهؤلاء المهاجرين واللاجئين. بينما يرى 18 في المائة من المشاركين في الاستطلاع ضرورة قبول اللاجئين القادمين من مناطق الحرب فقط. ويشير الاستطلاع إلى أن 45 بالمائة ممن شملتهم الدراسة يعارضون استقبال ألمانيا لهم.
وبالرغم من هذه الأرقام، إلا أن مبادرات عديدة قامت بها منظمات ناشطة في مجال دعم اللاجئين، شارك فيها نشطاء ولاجئون سعت للضغط على السياسيين في برلين لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن آلاف الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل على الحدود البولندية البيلاروسية. فقد أضيئت (مساء السبت 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2021) آلاف الشموع أمام البرلمان الألماني (بوندستاغ) للفت الانتباه إلى تلك المأساة. وطالب القائمون على تلك المبادرة الحكومة الفيدرالية القادمة بإنشاء ممر إنساني لهم ومنحهم إمكانية التقدم بطلب للحصول على اللجوء.
ماذا عن بولندا؟
تظاهر المئات وسط العاصمة البولندية وارسو رافعين لافتات كتب عليها "أنقذوا الأشخاص على الحدود!"، ورددوا هتافات مثل "لا يوجد شخص غير شرعي". كما نظمت أمهات بولنديات مسيرة دفاعاً عن حقوق المهاجرين في بلدة هاينوفكا (شرق)، حيث هتفن "الغابة ليست للأطفال".لكن ذلك مر دون جدوى ,
في حوار مع مهاجر نيوز، تحدث الشاب ألدو القادم من الكاميرون، وهو أحد المهاجرين الذين قد نجحوا في عبور الحدود والوصول إلى ألمانيا، عن المواقف الصعبة التي مرّ بها خلال رحلته للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، وقال ألدو إنه لم يلاحظ وجود مجموعات أو مؤسسات منظمة للمساعدة الأشخاص العالقين عند الحدود.
ومن جهة أخرى، أكد أيضاً أحمد، وهو طالب لجوء سوري وصل إلى مدينة فرانكفورت الألمانية ، لـ "مهاجر نيوز" على الظروف الصعبة التي تخلو من الإنسانية التي واجهها هناك مشيراً إلى عدم وجود جهات مختصة لتقديم المساعدة ، ويمكن وصف ما يواجهه المهاجرون العالقون عند الحدود البولندية أزمة إنسانية بكل المقاييس، حيث يتكدس مئات من المهاجرين في ظروف قاسية ومعاملة غير إنسانية بالتزامن مع الطقس البارد، حيث تنزل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر خصوصاً أثناء الليل.
ويبدو أن مجموعات المساعدة لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة الحدودية التي تخضع لقيود مشددة في الفترة الحالية ,
هل انتهت الازمة ؟ بالطبع لا , اذ ان التعتيم الكامل على ما حدث تشارك فيه معظم الدول الاوربية التي لطالما زعمت انها الحامية لحقوق الانسان , وللاسف فقد تواطئت مع الجريمة وتسترت عليها ,