بغداد - افراسيانت - يبدو أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي يحسب له "النصر" على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، دفع ثمن فشله في محاربة الفساد من قبل ناخبيه الذين يطالبون بالأفعال لا بالأقوال.
وفي وقت توقع فيه كثيرون أن يكون العبادي، المدعوم من المجتمع الدولي، متصدرا للانتخابات التشريعية، جاءت النتائج الجزئية محبطة له نوعا ما بمعاقبة من الناخبين الذي صاروا يطلقون عليه لقب "صاحب شعار سوف وسوف".
وشكل العراقيون مفاجأة سياسية بإيصال قائمتين مناهضتين للتركيبة السياسية الحالية لتتقدما الانتخابات التشريعية بحسب ما أظهرت نتائج جزئية رسمية، بفارق كبير عن العبادي.
يقول المحلل السياسي هشام الهاشمي لوكالة فرانس برس إن "الناخبين شعروا بالصدمة حين أتى العبادي بشخصيات تعتبر من صقور حزب الدعوة وجعلهم وجوها بارزة في ائتلاف النصر".
ويضيف الهاشمي أن "الكل كان يعتقد أن ائتلاف النصر سيكون شبيها لائتلاف سائرون من حيث اختيار الشخصيات الشابة والوجوه الجديدة، لكن في الواقع جاء رئيس الوزراء بوجوه صنفت أنها كانت مشتركة في الحكومات المتوالية على مدى 15 عاما، وإنجازاتها لم تكن بالمستوى المطلوب".
يرى مراقبون أن أول أخطاء العبادي، الحاصل على دكتوراه بالهندسة الكهربائية من جامعة مانشستر البريطانية، هو تشكيل تحالف مع "الفتح" الذي يضم قيادات من فصائل الحشد الشعبي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والذي سرعان ما انهار بسبب رد فعل الشارع.
أما الخطأ الثاني، وفق مراقبين، هو السماح لشخصيات تناوبت في المناصب خلال 15 سنة الماضية، أن تترشح على لائحته.
ولا تشمل النتائج الجزئية الرسمية التي ظهرت ليل الأحد الاثنين، تصويت القوات الأمنية والمغتربين والنازحين، الذين يمكنهم تغيير المعطيات بعد فرز أصواتهم.
أبرز الاتهامات التي تكال ضد العبادي هي انعدام مصداقيته في محاربة الفساد الذي استشرى في البلاد، وأبقى الأمر مجرد وعود من دون تطبيق على أرض الواقع.
وخلال فترة حكمه، شرع البرلمان قانون العفو العام الذي سمح لعدد كبير من حيتان الفساد الإفلات من العقاب والعودة إلى ممارسة أدوارهم بشكل طبيعي.
يقول الصحافي كاظم عجرش لفرانس برس إن "العبادي لم يكن شجاعا كفاية للإطاحة برموز الفساد، رغم الدعم الكبير من المرجعية والجماهير. بقي مترددا حتى عاد الفاسدون مجددا".
ووعد العبادي في أكثر من مناسبة أنه سينتصر على الفساد "كما تم تحقيق النصر على الإرهابيين".
ويرى التاجر الأربعيني عامر العامري أنه "كانت أمام العبادي فرصة فريدة لم يستغلها. اليوم يدفع ثمن فشله عندما تمسك بحزبه والفاشلين من حوله".
ويضيف "لو كان صارما بقراراته في ضرب الفاسدين كما دحر داعش، لحظي بولاية ثانية".
ويجمع العديد من الناخبين على أن بقاء العبادي ضمن حزب الدعوة، كان أحد أسباب تعرضه لهذا الخذلان.
وانقسم حزب الدعوة الذي كان معارضا لنظام صدام حسن، إلى جناحين في الانتخابات الأخيرة، الأول بقيادة العبادي والثاني بقيادة سلفه نوري المالكي.
ووسط الضغط الشعبي على العبادي الذي نجح في استعادة الأراضي التي استولى عليها تنظيم الدولة الاسلامية في زمن المالكي، قرر خوض الانتخابات بعيدا عن رفيقه في الحزب، الذي يعتبره كثيرون سببا في سقوط ثلث البلاد بيد الجهاديين.
لكن العبادي الذي حظي للمرة الأولى بتأييد في المناطق السنية، وخصوصا في محافظة نينوى التي جاء فيها أولا، لم يبتعد كثير عن تأثيرات حزبه.
ويعتبر محمود الداود أن "شجاعته في معالجة بعض الملفات لم تكن بمستوى التأييد الذي حظي به".
ويضيف أن "إصراره على استقطاع الرواتب رغم تحسن أسعار النفط، وإصراره على الخصخصة وهو يعلم علم اليقين أن قطاع الكهرباء هو واحد من أبرز بؤر الفساد في العراق، كان له أثر كذلك".
ويرى الداود أن "لوبي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في الحكومة الحالية يعمل على إفشال تجربته".