واشنطن - افراسيانت - فيما يستعد الرئيس الاميركي دونالد ترامب للاقدام على المغامرة التاريخية بلقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون، تعم حالة من الفوضى وزارة الخارجية الاميركية بعد الاقالة المفاجئة لوزيرها ريكس تيلرسون.
وتأتي مغادرة تيلرسون لمنصبه لتضيف شاغراً اخرً الى مجموعة المناصب العليا الشاغرة في وزارة الخارجية، في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن للقمة في غياب دبلوماسيين كبار.
ولكن بالطبع فإن ترامب لا يهمه ذلك كله.
فرأيه حول كيفية التعامل مع تهديد ترسانة كوريا الشمالية النووية لا ينسجم مع رأي الدبلوماسيين، بل ينسجم بشكل كبير مع رأي مرشحه لخلافة تيلرسون الا وهو مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات الاميركية (سي اي ايه).
خطة تيلرسون للتعامل مع كوريا الشمالية كانت تتبع استراتيجية كلاسيكية تقوم على بناء العلاقات والثقة من خلال اتصالات مبكرة، وتحديد المعايير للتفاوض، وصياغة مسودة اتفاق بين كبار المسؤولين، ومن ثم عقد قمة بين الزعيمين.
وصرح تيلرسون للصحافيين على متن الطائرة اثناء رحلته الاخيرة كوزير للخارجية "لدي الكثير من الثقة في قدرتي على خلق الظروف لمفاوضات ناجحة بين طرفين مختلفين تماما".
الا ان ترامب -- الذي قال لتيلرسون في تغريدة العام الماضي انه "يضيع وقته" في استخدام قنوات خلفية للاتصال ببيونغ يانغ -- له رأي مختلف. ويبدو ان بومبيو يشاركه هذا الرأي.
فالرجلان يعتقدان انه يجب ان تظهر الولايات المتحدة لكيم أنها مستعدة لاستخدام عقوبات تشلها، وحتى القوة العسكرية اذا رفضت التخلي عن اسلحتها النووية، وبعد ذلك احضاره الى طاولة المفاوضات للتوصل الى اتفاق.
في كانون الثاني/يناير ظهر بومبيو امام مؤسسة "ايه اي اي" الفكرية في واشنطن وطرح هذه الخطة لاقناع كيم -- الذي ربما كان يخطئ فهم المؤشرات الدبلوماسية - بأن واشنطن جادة.
قال بومبيو الذي التقى ترامب مرارا بوصفه مديرا للسي اي ايه "نحن نتخذ خطوات تستند الى الواقع نعتقد أنها ستوضح لكيم جونغ اون دون اي غموض عزمنا على ازالة الاسلحة النووية".
وأضاف "نحن نراهن على حقيقة انه سيرى ذلك. ونحن واثقون من انه سيفعل. وبعد ذلك سنواصل اجراء محادثات حول كيفية التوصل الى ازالة الاسلحة النووية".
اذن يبدو الان ان فريقاً بدأ يتشكل لدى ترامب يؤمن بخطته بشكل افضل، ولكن لا شك في أن اميركا مقدمة على استراتيجية طموحة ولكنها تفتقر الى الاشخاص المؤهلين لتنفيذها.
لم يكن تيلرسون في المكتب البيضاوي الاسبوع الفائت عندما قرر ترامب فجأة قبول دعوة كيم التي سلمها له وفد كوريا الجنوبية، لاجراء محادثات بشأن ازالة الاسلحة النووية.
وبينما كان تيلرسون يجوب العواصم الافريقية، كان يمثله في غيابه نائبه جون سوليفان.
ولكن مع غياب تيلرسون، لن يكون سوليفان قادرا على تخصيص كل وقته لملف كوريا الشمالية، فهو وزير للخارجية بالانابة بانتظار موافقة مجلس الشيوخ على تعيين بومبيو قبل نيسان/ابريل.
وأعلن الرجل الثالث في وزارة الخارجية توم شانون تقاعده، وينتظر ترشيح خلف له لكي يتوقف عن العمل.
أما نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق اسيا والمحيط الهادئ سوزان ثورنتون فتنتظر تحديد مجلس الشيوخ موعداً لكي تتمكن من الاحتفاظ بمنصبها بشكل دائم.
وبالنسبة للممثل الاميركي السابق الخاص لسياسة كوريا الشمالية جوزيف يون، فقد تقاعد قبل اسبوعين ولم يتم استبداله بعد.
واقر ترامب بهذه المسألة الاربعاء في تغريدة القى فيها اللوم على اعضاء الكونغرس المعارضين الذين رفضوا ترشيحاته.
وكتب يقول "المئات من الاشخاص الجيدين ومن بينهم سفراء وقضاة مهمون جدا، يتم رفضهم او تاخير تعيينهم من قبل الديموقراطيين في مجلس الشيوخ".
واضاف "العديد من الوظائف المهمة في الحكومة شاغرة بسبب هذه الاعاقة الاسوأ في التاريخ".
ولكن في وزارة الخارجية نفسها يبدو انه من الصعب القاء اللوم على مجلس الشيوخ في وقف التعيينات، اذ انه لا توجد ترشيحات لـ 58 منصبا من بينها سفير واشنطن لكوريا الجنوبية.