افراسيانت - زكريا شاهين - لا شك انه وبعد عودة شيه جزيرة القرم الى الوطن الام , اصبحت اوكرانيا في مرمى الاهداف الغربية التي تصلح لاستخدامها كورقة لمناكفة روسيا, وليس هذا وحسب وانما دخلت على هذا الخط اسرائيل ايضا .
العلاقة الحميمة بين اسرائيل واكرانيا لم تبدأ منذ إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الـ13 من أبريل 2015، حين اعلن رفع حظر تزويد إيران بمنظومة صواريخ إس-300 وكان لهذا الاعلان صدى كبير ، حيث أعربت إسرائيل عن قلقها الشديد، وهو الموقف ذاته الذي اتخدته الولايات المتحدة عبر وزير خارجيتها، جون كيري، في لقائه نظيره الروسي.
إسرائيل من أكثر الدول معارضة لهذا الإجراء، ما دعاها إلى التلويح بتسليح أوكرانيا ردا على قرار إدارة موسكو، ويبدو أن إعلان تل أبيب تسليح كييف ليس وليد الصدفة، حيث بدأت العلاقة بين البلدين منذ إعلان استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي.
إسرائيل حليف أوكرانيا الدبلوماسي
وبحسب موقع السفارة الأوكرانية في تل أبيب، تتمتع إسرائيل وأوكرانيا بعلاقات ثنائية جيدة، بدأت تدخل في منحنى قوي فور إعلان البلدين تدشين سفارة لكل منهما لدى الأخرى عام 2013، وفي 16 مايو 2013 تم تعيين رجل الأعمال الإسرائيلي، عوفير كيرزنر، سفيرا فخريا للقنصلية الأوكرانية في القدس.
وبدأت العلاقات تتوثق بشكل أكبر، لاسيما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وهجرة العديد من الإسرائيليين القاطنين في دول الاتحاد إلى أوكرانيا، ونتيجة العلاقات القوية بين الجانبين تم توقيع اتفاقية الانتقال الحر بين البلدين في 9 فبراير 2011، ما يتيح للإسرائيليين والأوكرانيين التنقل بين البلدين دون الحاجة إلى تأشيرة دخول "فيزا".
السياحة المتبادلة
تعد السياحة المتبادلة بين كييف وتل أبيب من أكثر معدلات السياحة من وإلى إسرائيل، بسبب أصول اليهود الأوكران وأسرهم المرتبطة بهم داخل إسرائيل، ما دعا الكثير من سكان أوكرانيا إلى الاستقرار في تل أبيب، كما أن وجود قبر الحاخام "نحمان" الشخصية اليهودية المعروفة، يعد من أهم معالم اليهود في أوكرانيا، حيث يحظى باهتمام كبير لدى الإسرائيليين الذي يحرصون على زيارته.
العلاقات السياسية
العلاقات السياسية بين البلدين وليدة وجديدة وليست ذات عمق وبعد سياسي يضرب بجذوره في الماضي، فإسرائيل تحاول إيجاد حليف لها في كل مكان، والعلاقات التاريخية ليهود أوكرانيا في إسرائيل معروفة للجميع، ففي هذا الإطار تعرب إسرائيل عن دعمها موقف أوكرانيا ضد روسيا في أزمة إقليم "القرم"، حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزير الخارجية الأوكراني، بابلو كليمكين، في أكتوبر من العام 2014، وأعرب الأخير عن رضا بلاده عن موقف إسرائيل إزاء الأزمة الأوكرانية.
تعاون مستمر
يقول "كليمكين"، عقب المؤتمر الصحفي بينه وبين "نتنياهو" وفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إن "هناك أنواعا مختلفة من المساعدة التقنية العسكرية بين البلدين"، موضحا أنه تحدث مع "نتنياهو" بشأن "الطابع الاستراتيجي" للعلاقات الثنائية، ومختلف مسارات التعاون، والمفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة، والسعي لجذب الاستثمارات الإسرائيلية في مجالي التكنولوجيا المتقدمة والزراعة.
مساعدات طبية
تقدم تل أبيب مساعدات لعلاج جرحى الجيش الأوكراني في العيادات والمراكز الطبية الإسرائيلية، حيث زارهم "كليمكين" في أثناء تواجده في أول زيارة رسمية له لإسرائيل كوزير للخارجية، وأعرب وقتها عن أمله في تواجد المساعدات الطبية على نطاق أوسع.
إسرائيل ترد على روسيا عبر أوكرانيا
فيما يبدو أن إسرائيل وبعد الاعلان عن رفع الحظر الروسي عن تسليح ايران , قررت العمل على مسار مضاد لمساعي روسيا تسليح إيران بصفقة صواريخ أس 300، فاتجهت إلى تسليح كييف، فوفقا لصحيفة "روسيسكايا جازيتا" الروسية أكد مصدر في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن بلاده لا تستبعد إمكانية استئناف تصدير السلاح إلى أوكرانيا وجورجيا بعد رفع الحظر الروسي عن إيران.
وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن المصدر المذكور ألمح إلى إمكانية تصدير طائرات إسرائيلية دون طيار إلى أوكرانيا وجورجيا، بعد أن أحجمت بلاده عن ذلك في وقت سابق حرصا منها على العلاقات مع روسيا.
وفي المقابل نشر موقع وورلد سوشياليست مقالاً لجان شاؤول بعنوان “إسرائيل تدعم الانقلاب اليميني المتطرف في أوكرانيا“، قال فيه: “إن رد إسرائيل على الأزمة في أوكرانيا يشهد على حقيقة أن النخبة الحاكمة الإسرائيلية لا تدافع عن يهود العالم، كما يدّعون، ولكن عن الفئة الإسرائيلية الرأسمالية، والطبقة الاجتماعية الفاسدة والمرتشية التي تنفذ الهجمات الإجرامية ضد الفلسطينيين، وغيرهم من المتحالفين مع واشنطن. فأغنى 20 عائلة إسرائيلية تسيطر على قرابة نصف سوق الأوراق المالية و25% من الشركات الكبرى، لا سيما الصحف والبنوك وشركات التكنولوجيا المتطورة، عدد من هؤلاء الأوليجارشيين جاؤوا من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، بأموالٍ جمعوها من خصخصة الشركات المملوكة للدولة، ولطالما تحالفت هذه الفئة مع القوى الفاشية خارج إسرائيل.
على الجانب الآخر وبالرغم من التقارب الاسرائيلي الاوكراني , فان يهود اوكرانيا بعانون الكثير من الاضطهاد غلى يد القاشيين والقوميين الاوكرانيين .
في نداءٍ أطلقه موشيه رؤوفين أزمان، أحد حاخامات اليهود في أوكرانيا عبر صحيفة “معاريف” الإسرائيلية طلب فيه من اليهود مغادرة مركز المدينة، أو حتى مغادرة البلاد إن أمكن، قائلاً: “لا أقصد أن أدبّ الذعر في النفوس، لكن هناك تحذيرات مستمرة بشأن نوايا لمهاجمة المؤسسات اليهودية”، مردفًا بإغلاق مدارس الجالية اليهودية في أوكرانيا؛ بحجة أن السفارة الإسرائيلية طلبت من أفراد الجالية اليهودية تجنب الخروج من المنازل، خشية التعرض لاعتداءات، وهو ما وجد صدىً في تصريحات رئيس منظمة “المظلة” ليهود أوكرانيا، التي وصف فيها الأوضاع في كييف بـ”الكارثة”، وقال لوسائل إعلام عبرية “لقد اتصلنا بوزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، وطلبنا النجدة لتأمين المجتمع اليهودي”.
موقف الساسة في تل أبيب لجأ لعقود، إلى بث الرهبة في قلوب الأوكرانيين اليهود لحثهم على الهجرة لفلسطين المحتلة، برغم أنه من الشائع عن اليهود في تلك البلاد ميلهم للهجرة إلى الولايات المتحدة.
في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً فإن هناك رغبة جامحة لدى السياسة الأمريكية في أن تتعاظم هيمنة الولايات المتحدة على سياسات كل الأنظمة وهي تسعى بكل فاعلية دبلوماسيه في هذه المرحلة لتصفية القضية الفلسطينية ووضع حد لمسالة الصراع العربي الصهيوني وتعتبر أن الفرصة سانحة لتحقيق هذا المسعى الذي من شانه أن يفضي إلى ترتيب الأوضاع لصالح المشروع الأمريكي وتحقيق المطالب السياسية والأمنية الإسرائيلية وذلك بسبب الخلل في موازين القوى من ناحية وانشغال شعوب المنطقة وأنظمتها في الصراعات الداخلية من ناحية أخرى ولكن هذا الهدف الاستراتيجي ما زال أمام تحقيقه بشكل كامل صعوبات وعراقيل كبيره لن تتمكن أية إدارة أمريكية من تجاوزها.
إجمالاً نقول إن السياسة الأمريكية حتى الآن لم تحقق أية نجاحات استراتيجيه هامة عل صعيد ترتيب أوضاع المنطقة لصالح المشروع الأمريكي, وان حالة من اليقظة عموما تتسع كل يوم وتتعمق في مواجهة سياسة الهيمنة الأمريكية والغطرسة الامبريالية الصهيونية مدعومة بقوى إقليميه ودوليه كبرى ومؤثره في السياسة الدولية وفي مقدمة هذه القوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية روسيا الاتحادية التي أعادت التوازن إلى الصراع الدولي.
هزة في النظام الدولي
لقد أحدث ضم روسيا لشبه جزيرة القرم هزة في النظام الأوروبي ومخلخلاً للنظام الدولي بأسره، مستلزماً من الأمريكيين والأوروبيين تنديداً وتهديداً واجتماعات متتالية ولكن وهناً أيضاً وضعفاً في صياغة إستراتيجية واضحة المعالم ومؤثرة على السياسة والاقتصاد الروسيين. فكل الاتفاقيات الدولية التي وقعت مع روسيا، بما فيها تلك المتعلقة باحتواء أسلحة الدمار الشامل والشراكات التجارية والاقتصادية قد تعتريها اهتزازات مدوية ولكن ليس بالدرجة المتوقعة كما يمكن أن تحدثه العقوبات على عراق صدام أو على إيران، لأن روسيا قوة عسكرية كبيرة، وكانت أحد طرفي الصراع الرئيسيين في الحرب الباردة، ولها حضور في السياسة الخارجية الدولية وصوت مؤثر في مجلس الأمن، كما أن لها أوراقاً إستراتيجية يمكن أن تستعملها ضد الغرب في سوريا وإيران وغيرهما.
ويمكن أن نستخلص من أزمة شبه جزيرة القرم ثلاثة دروس رئيسة:
أولاً: البيئة الدولية المعاصرة أضحت أكثر ضبابية وأكثر تعقيداً وأكثر غموضاً من أي وقت مضى، ويكفي الرجوع إلى الكتاب القيم الذي ألفه منظر العلاقات الدولية الفرنسي برتران بادي لتمثل ذلك، إذ طور نظرية اختزلها في كلمتين "وهن القوة" واعتمادا على نظريات لإيميل دوركايم وهيغو كروتيوس أكد أن القوة بمفهومها التقليدي الكلاسيكي فقدت أكثر من معنى مع ازدياد الفاعلين في البيئة الدولية المعقدة... فلم تعد بعض الدول القوية كالولايات المتحدة الأمريكية تتوفر على نفس الردع الاقتصادي والعسكري والحمائي بل وحتى الثقافي كما كان عندها في السابق. ولم يعد للثنائية القطبية أو الأحادية القطبية نفس المدلول مع صعود اقتصادات الدول الآسيوية واتساع رقعة الأزمة المالية العالمية والتنافس التجاري الدولي، وتنامي الإجرام العالمي وعولمة الخدمات وتنامي دور الأفراد في العلاقات الدولية. وكثيرة هي الأسئلة التي نطرحها معه ومع المنظر الأوروبي فريدريك شاريون، ويمكن أن نختزلها في سؤالين اثنين: أما السؤال الأول فيرتبط بقدراتنا الخاصة على قراءة العلاقات الدولية التي أصبحت معقدة جداً. وأما السؤال الثاني فيخص التمييز الذي أضحى أكثر فأكثر غموضاً بين ما قد يرتبط بالمجال العقلاني والمجال اللاعقلاني.
ثانياً: روسيا في ظل هذه البيئة الدولية المعقدة ظهرت على شكل قوة تثق في نفسها وتستعمل في براهينها وتفسيراتها أدبيات الديمقراطية الغربية الاستفتاء، تصريحات سكان القرم في وسائل الإعلام المختلفة، وهناك حوالي ثلاثة ملايين من السكان يعيشون في القرم) في مقابل دول أوروبية غربية تعتبرها روسيا ضعيفة في الساحة الدولية وضعيفة عسكرياً... والبعض باستحضار هذه الوقائع يتحدث عن حرب باردة جديدة... والحقيقة أننا أبعد ما نكون عن تواجد كتلتين رئيسيتين أو أكثر تمثل أو بإمكانها أن تمثل أطراف هذه الحرب الباردة... بل إن روسيا تفوقت على المعسكر الغربي في غياب هذه الحرب واستفادت من تواجد فراغ استراتيجي في لعبة شطرنج الحرب الباردة السالفة... ثم إن الدول الغربية لا يمكنها أن تعلن الحرب على روسيا أو أن ترسل صواريخها إلى موسكو وإلا شهدنا قيام حرب عالمية جديدة.
ثالثاً: الرئيس الروسي يعي جيداً مفهوم القوة، وبالضبط المفهوم الذي أعطاه المحلل والمنظر الاستراتيجي الأمريكي الكبير جوزيف ناي، أي القدرة على تحقيق النتائج التي يريدها المرء، وتتباين الموارد التي تنتج هذه القوة في مختلف السياقات.
قرار بوتين والمؤسسة الحاكمة في روسيا كان قراراً جريئا وحازماً في استعادة القرم إلى الموطن الرئيسي للأراضي الروسية، وليس على الجميع الا الاقرار بان القرم جزءا من روسيا وان على الجميع الابتعاد عن القول بغير ذلك ,
ما يعنينا هنا هو الموقف العربي الذي يجب ان يكون متبصرا في معرفة اصدقاءه من خصومه , فاسرائيل الخصم للعرب هي الصديقة لاوكرانيا ولو من باب المصالح . ولهذا فان على العرب الكف عن اتخاذ الموقف الغربي وخاصة الامؤيكي للتعامل مع الموقف الاوكراني .
باختصار .. على العرب ان بعرفوا ان اوكرانيا لن تكون صديقة لهم , وكذلك اسرائيل , من هنا فان وضوح المواقف هو قوة للعرب وليس ضعفا وانما التبعية باتخاذ المواقف تبعا لاهواء الغرب هو الضعف بعينه.