افراسيانت - توقع محللون استمرار الأزمة السياسية بين قطر والدول التي تقاطِعها (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) وتصاعدها في الأيام المقبلة، في ضوء رفض الدوحة للشروط والمطالب التي وضعتها تلك الدول لعودة العلاقات السياسية والدبلوماسية معها وفك الحصار عنها، ويرون أن المستفيد الأول والأخير من تواصل هذه الأزمة هي الولايات والمتحدة وإسرائيل، ودول إقليمية أخرى مثل إيران وتركيا.
وقال المحلل السياسي عادل شديد، ان استمرار الأزمة القطرية حتى بعد انتهاء مهلة الأيام العشرة، "ستكون له آثار كارثية تضعف الموقف العربي، الضعيف أصلا". مستبعدا في الوقت ذاته، أن تصل حدة الأزمة إلى الصدام العسكري، بسبب التحالفات السياسية والعسكرية لقطر، مع إيران، والولايات المتحدة وتركيا اللتين تملكان قواعد عسكرية على الأراضي القطرية.
وأشار إلى أن الصدام العسكري إن حصل، فانه سيكون بإيعاز أمريكي، لإحداث مزيد من الفرقة والتشتت بين الدول العربية.
ورأى شديد أن الأزمة الحالية ستترك آثارا بعيدة المدى على العلاقة العربية الإسرائيلية، إذ انها تشكل فرصة ذهبية لإسرائيل لإحداث مزيد من الاختراق في جدار الموقف العربي، موضحا أن إسرائيل ترى في مناخ التوتر السائد بين الدول العربية (وتحديدا بين قطر وجيرانها الخليجيين)، فرصة كبرى لتطوير علاقاتها السياسية، والعسكرية، والاستخبارية، والاقتصادية معها، بشكل يوصل في نهاية الطريق إلى "التطبيع الشامل للعلاقات بين الدول الخليجية وإسرائيل".
وبخصوص الخيارات التصعيدية المطروحة أمام دول المقاطعة، في حال لم تستجب قطر للشروط المفروضة عليها بعد انتهاء مهلة الأيام العشرة، توقع المحلل السياسي شديد أن تلجأ دول الحصار إلى مزيد من فرض العقوبات على الدوحة.
وقال "إضافة للحصار البري والبحري والجوي المفروض على قطر من السعودية وحلفاءها، فقد تعمل الرياض على إخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي، وفرض حصار أو مقاطعة سياسية واقتصادية على الدول التي الممكن أن تُبقي على علاقاتها مع الدوحة".
ومع رفض قطر حتى الآن الاستجابة لأي من الشروط المفروضة عليها، وعدم تأثرها بالحصار، توقع شديد أن تدفع الدول المحاصرِة ثمن ذلك، بشكل يضعف مواقفها وقال "قرار فرض الحصار في جزء منه موجه نحو قضايا خارج الجغرافيا الخليجية، ويتعلق بمواقف الدول المقاطِعة من الربيع العربي، والموقف من نظام السيسي في مصر، والعلاقة مع إيران، ومستقبل العلاقة مع إسرائيل، إضافة للعلاقة مع حركة حماس".
وأكد شديد أن استمرار الأزمة، وعدم القدرة على التوصل إلى حلول لها حتى الآن، سيضعف كثيرا مواقف قطر والدول المقاطِعة لها، وسيعطي قوة أكبر لإيران وتركيا وإسرائيل، لزيادة تدخلها وحضورها في العالم العربي.
وفي ذات السياق، يرى أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، أن "قطر لن تستطيع تلبية الشروط المطلوبة منها، لأنها تمس سيادتها، وتتعلق بسياستها وعلاقاتها الخارجية مع العالم".
ولفت الأقطش إلى أن "الحصار لن يُضر قطر بقدر ما سيضر دول الحصار، لأن الدوحة تتمتع باقتصاد قوي، وإمكانيات مالية هائلة، تمكنها من تعويض أي نقص في السلع التجارية، نتيجة الحصار، إضافة إلى تحالفتها القوية مع تركيا وإيران والولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن قطر باتت "تتمتع بشعبية عربية هي الأكبر في تاريخها".
وفي حال استمر الحصار، وتصاعدت حدة الأزمة بين الدوحة وجيرانها، توقع الأقطش أن يصل التوتر إلى حد المواجهة العسكرية، بصورة مشابهة لما حدث بين العراق والكويت، وصولا إلى الغزو العراقي عام 1990، وقال "الولايات المتحدة قد تدفع أطراف الأزمة لمزيد من التشدد في مواقفها، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة عسكرية، سيكون العرب هم الخاسر الوحيد فيها".
بدوره، حذر الكاتب والمحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، من خطر بات داهما على مجلس التعاون الخليجي بسبب الأزمة الراهنة بين أعضائه، قائلا أن "تماسك هذا المجلس لم يعد ممكنا، وبقاء قطر فيه مسألة مشكوك فيها، إضافة لتحفظ عُمان على سياسات المجلس، وعدم حماسة الكويت لقراراته" التي اتخذتها الإمارات والسعودية والبحرين، إضافة إلى مصر.
وأضاف سويلم، أن "قطر ليست بوارد الاستجابة لطلبات الدول التي اتخذت قرار المقاطعة، وردت بالمزيد من الخطوات التي تصنف على أنها استفزازية بالنسبة للدول المقاطِعة، وهذا الأمر سيزيد من تعميق الأزمة، وإفشال كل محاولات التوسط لحلها".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لن تبادر لحل الأزمة الخليجية، ولن تتخذ موقفا حاسما ومنحازا لصالح طرف دون الآخر، لأنه ليس لديها مصلحة ملحّة في ذلك حتى الآن.
ويرى سويلم أن قطر "تخطئ كثيرا إذا اعتقدت أن الدول العربية المقاطِعة يمكن أن تساوم أو تتراجع". متوقعا أن تقدم على "خطوات كبيرة وكبيرة جدا في الأيام القليلة القادمة" بشكل يتجاوز قطر إلى كل الداعمين الحاليين لها.
وأضاف "قطر لو أبدت استعدادا للتراجع عن العلاقات مع منظمات التطرف والإرهاب /كما تقول الدول المقاطِعة/، لأمكن الوصول إلى حلول وسط لكافة القضايا الأخرى، ولكنّ الدوحة ما زالت تنكر كل الاتهامات وتتنصل منها، الأمر الذي يقود إلى مسار واضح، والنتيجة أصبحت معروفة أيضا".