افراسيانت - عكس انشقاق كتيبتين عن الجيش الليبي في مدينة بنغازي، وجود خطة لإضعاف الجيش يسعى من وراءها لإبعاد حفتر عن المشهد بالقوة، بعد أن عجز عن إقناع مجلس النواب للتصويت على حكومة الوفاق.
فقد بدأت ملامح أزمة سياسية جديدة تلوح في بنغازي بعد انشقاق العقيد المهدي البرغثي آمر الكتيبة 204 دبابات عن الجيش الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، ليلتحق بالعمل كوزير للدفاع بحكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاقية الصخيرات.
وتصاعدت حدة الأزمة على إثر ذلك بعد أن أعلنت كتيبتان تابعتان للجيش الليبي عن انشقاقهما والتحاقهما بحكومة الوفاق، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع بحكومة السراج المهدي البرغثي، الذي كان على ما يبدو يزور بنغازي لإقناع بعض العسكريين بالانشقاق عن حفتر والالتحاق بالقوات التابعة لحكومة الوفاق التي مازالت لم تحظ بعد بثقة البرلمان المنعقد في مدينة طبرق شرق البلاد.
وكرد فعل على انشقاق الكتيبتين، أعلنت القيادة العامة للجيش بأنها لن تسمح لأي جهاز موال لحكومة الوفاق بمزاولة أي نشاط من بنغازي، قبل أن يوافق مجلس النواب على الحكومة.
وبدورها لم تقف وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة في طبرق عند ذلك، حيث ذهبت إلى تصنيف قوات المهام الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب وكتيبة الإسناد الأمني لجهاز الاستخبارات ميليشيات إرهابية، وأصدر وزير الداخلية محمد المدني الفاخري قرارا بحل الكتيبتين.
لكن قائد جهاز المهام الخاصة، إحدى الكتيبتين المنشقتين، فرج إقعيم وصف قرار حل الكتيبتين بأنه باطل لصدوره عن وزير داخلية مكلف وليس عن وزير داخلية فعلي.
وحذر إقعيم من محاولة اقتحام مقرات الجهاز أو المساس بأفراده، معتبرا أن ذلك سيكون بمثابة إعلان حرب، مؤكدا أن الكتيبتين العسكريتين ليستا تنظيمين إرهابيين.
ومن جانبها، رأت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج أن قرار حل الكتيبتين لا مبرر له، ورفضت حل قوة المهام الخاصة التي انشقت عن قوات عملية الكرامة التابعة لحفتر، وانضمت إلى اتفاق الصخيرات.
وأحدث انشقاق الكتيبتين تصدعا في الجيش الليبي الذي حارب الإرهاب في بنغازي طيلة سنتين كانت في البداية مع تحالف عملية الكرامة، قبل أن تحظى العملية بدعم وثقة مجلس النواب الذي أعلن قواتها جيشا رسميا للبلاد بقيادة الفريق أول خليفة حفتر.
وزير الدفاع المهدي البرغثي يسعى لتشكيل جيش مواز في المنطقة الشرقية، وعزل حفتر أو الضغط عليه للتنازل
وتتخوف الأوساط الليبية من إمكانية وقوع مواجهة مسلحة بين الكتيبتين والجيش تزيد من اتساع الصراعات في ليبيا، ما يزيد من تعقيد المشهد.
ولئن صرح رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج بأنه لا يسعى لإقصاء أي طرف يريد الانخراط في العملية السياسية، فإن الكثير من المراقبين يعتقدون أن وزير الدفاع المهدي البرغثي يسعى لتشكيل جيش مواز للجيش في المنطقة الشرقية، وعزل حفتر أو الضغط عليه للتنازل.
وتضغط أطراف داخلية محسوبة على التيار الإسلامي من أجل استبعاد حفتر من المشهد السياسي في ليبيا، الأمر الذي لا يعتبر أمرا هينا خاصة وأن الرجل يحظى بدعم شعبي كبير في المنطقة الشرقية، إضافة إلى دعم بعض الدول الإقليمية والدولية المؤثرة في المشهد الليبي وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية.
وترفض أطراف بمجلس النواب منح الثقة لحكومة الوفاق قبل تعديل المادة الثامنة من الاتفاق السياسي، التي تنص على تحول كل المناصب السيادية إلى سلطة المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج، بما فيها منصب القائد العام للجيش الليبي الذي يتولاه حاليا الفريق أول خليفة حفتر.
ولا يبدو أن الانشقاقات والانسلاخات عن السلطات التابعة لمجلس النواب في المنطقة الشرقية ستقف عند المؤسسة العسكرية، حيث بدأت بوادر أزمة سياسية تبرز في المدينة فجرتها الصراعات على منصب عميد بلدية بنغازي.
ولئن يبدو الصراع في ظاهره قانونيا بين رئيس الحكومة عبدالله الثني الذي يصر على بقاء العميد الحالي عمر البرعصي ووزير الحكم المحلي محمد الفاروق في حكومته الذي أصدر قرارا بإقالة البرعصي وتعويضه بزكريا بالتمر بناء على انتخابه من قبل أعيان ومشايخ المدينة، إلا أن مراقبين ربطوا بينه وبين حرب النفوذ التي بدأت تشتعل في المدينة بين جهات موالية لحكومة الثني وأخرى موالية لحكومة الوفاق في طرابلس.
ولئن حافظت الحكومة المؤقتة على وحدتها بعيد دخول المجلس الرئاسي للعاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي، إلا أن مراقبين لا يستبعدون إعلان مسؤولين تابعين لحكومة عبدالله الثني استقالتهم خلال الفترة المقبلة تكون بداية نهاية الحكومة التي تتخذ من طبرق مقرا لها.
ويفرض المجتمع الدولي منذ مارس الماضي حصارا على السلطات في المنطقة الشرقية بغية إضعافها ماليا ودبلوماسيا وعسكريا، فبعد أن منعت عنها تصدير النفط ورفعت عنها الاعتراف الدولي، تقدمت الاثنين مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بمشروع قانون يقضي بتوسيع مهمة صوفيا التي تهدف بالأساس إلى التصدي للمهاجرين غير الشرعيين، لتتولى أيضا مهمة مراقبة السفن التي تنقل الأسلحة إلى ليبيا.
ورأى مراقبون أن هذا القرار يأتي في إطار السعي الدولي لقطع الإمدادات على قوات الجيش الليبي الذي يحارب الإرهاب وسط حظر تسليح مفروض عليه من مجلس الأمن منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي أواخر سنة 2011.